شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
كلمة في معهد سلاح المدرعات
3860 مشاهدة
التوبة من المعاصي ورجاء رحمة الله تعالى

وكذلك أيضا الرجاء، يكون العبد راجيا لرحمة الله؛ ولكن لا يكون رجاؤه رجاء أهل الغرور.
الرجاء أيضا له أسباب، إذا تذكرت الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض؛ فإنك ترجو أن تكون من أهلها، إذا تذكرت سعة رحمة الله تعالى؛ فإنك تأتي بالأسباب التي تجعلك من أهلها، قال الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ لِمَنْ؟ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ هؤلاء هم الذين كتب الله تعالى لهم الرحمة، والذين قال تعالى: وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ .
إذا جاءك الذين يؤمنون بآيات الله ويؤمنون بالله ويعملون لرضاه فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
أخبر تعالى بأنه كتب على نفسه الرحمة، وأن هذه الرحمة تكون لمِنَ ْوقع في السيئات ثم تاب من بعد ذلك وأصلح، فإذا كان الإنسان في أول شبابه أو في أول عمره قد فرط في حياته، وقد ترك الصلوات، وقد أكل في نهار رمضان متعمدا مثلا، وقد فعل شيئا من المعاصي، قد فعل زنا أو فواحش، وقد شرب خمرا أو مسكرات أو ما أشبه ذلك، أو كالمخدرات ونحوها، وقد ظلم الناس وسرق واختلس وانتهب شيئا من الأموال التي لا تحل له، وقد قذف وعصى الله تعالى وظلم الناس، وقد غَشَّ في معاملات، أو أكل ربا أو نحو ذلك، وقد عَقَّ والِدَيْهِ، وقطع رحمه، وهجر المسلمين بغير حق، وأفسد في الأرض، إذا كان قد فعل ذلك، ثم تاب الله عليه، وأقبل بقلبه إلى طاعته؛ فإنه -والحال هذه- يكون من هؤلاء.
كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ يعني: فعل ذلك حالةَ كَوْنِهِ جاهلا غَيْرَ مُتَصَوِّرٍ للعذاب، فعل ذلك، عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ أصلح الأعمال، فإن الله تعالى يتوب عليه، فأنه غفور رحيم، ولذلك نقول: لا تَقْنَطْ من رحمة الله، ولا تَيْأَسْ من رَوْحِ الله، إذا كنتَ قد عملت سيئة أو سيئات في أول حياتك؛ فإن الله تعالى يقبل التوبة، يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ويفرح بتوبة التائب، ما أشد ما نتصوره من الفرح، يفرح بتوبة عباده ويقبلها؛ ولكنه تعالى إنما يتوب على الصادقين قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ يعملون السيئات بجهالة، ثم يتوبون من قريب، فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا فنقول: إن المؤمن في هذه الدنيا يجمع بين الخوف والرجاء والمحبة.