اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
كلمة في معهد سلاح المدرعات
5953 مشاهدة print word pdf
line-top
التوبة من المعاصي ورجاء رحمة الله تعالى

وكذلك أيضا الرجاء، يكون العبد راجيا لرحمة الله؛ ولكن لا يكون رجاؤه رجاء أهل الغرور.
الرجاء أيضا له أسباب، إذا تذكرت الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض؛ فإنك ترجو أن تكون من أهلها، إذا تذكرت سعة رحمة الله تعالى؛ فإنك تأتي بالأسباب التي تجعلك من أهلها، قال الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ لِمَنْ؟ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ هؤلاء هم الذين كتب الله تعالى لهم الرحمة، والذين قال تعالى: وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ .
إذا جاءك الذين يؤمنون بآيات الله ويؤمنون بالله ويعملون لرضاه فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
أخبر تعالى بأنه كتب على نفسه الرحمة، وأن هذه الرحمة تكون لمِنَ ْوقع في السيئات ثم تاب من بعد ذلك وأصلح، فإذا كان الإنسان في أول شبابه أو في أول عمره قد فرط في حياته، وقد ترك الصلوات، وقد أكل في نهار رمضان متعمدا مثلا، وقد فعل شيئا من المعاصي، قد فعل زنا أو فواحش، وقد شرب خمرا أو مسكرات أو ما أشبه ذلك، أو كالمخدرات ونحوها، وقد ظلم الناس وسرق واختلس وانتهب شيئا من الأموال التي لا تحل له، وقد قذف وعصى الله تعالى وظلم الناس، وقد غَشَّ في معاملات، أو أكل ربا أو نحو ذلك، وقد عَقَّ والِدَيْهِ، وقطع رحمه، وهجر المسلمين بغير حق، وأفسد في الأرض، إذا كان قد فعل ذلك، ثم تاب الله عليه، وأقبل بقلبه إلى طاعته؛ فإنه -والحال هذه- يكون من هؤلاء.
كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ يعني: فعل ذلك حالةَ كَوْنِهِ جاهلا غَيْرَ مُتَصَوِّرٍ للعذاب، فعل ذلك، عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ أصلح الأعمال، فإن الله تعالى يتوب عليه، فأنه غفور رحيم، ولذلك نقول: لا تَقْنَطْ من رحمة الله، ولا تَيْأَسْ من رَوْحِ الله، إذا كنتَ قد عملت سيئة أو سيئات في أول حياتك؛ فإن الله تعالى يقبل التوبة، يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ويفرح بتوبة التائب، ما أشد ما نتصوره من الفرح، يفرح بتوبة عباده ويقبلها؛ ولكنه تعالى إنما يتوب على الصادقين قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ يعملون السيئات بجهالة، ثم يتوبون من قريب، فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا فنقول: إن المؤمن في هذه الدنيا يجمع بين الخوف والرجاء والمحبة.

line-bottom